Sunday, May 5, 2019

المرأة في قانون العمل بين مصر والمغرب



مصر قانون عاجز
المغرب قانون يقترب من الإعجاز
القانون المغربي : لو مرضت زوجتك يجب أن تجلس بجوارها لتمرضها !!!
القانون المصري : شروط جائرة لعمل حضانة أطفال

في قطرنا العربي تواترت الأقوال وتعالت  الأصوات لتقول حينا أن حقوق المرأة هي نمط من الرفاهية ، و أحياناً أنها  نمط من انماط التغريب  و التقليد الأعمى ، لا حقوق إنسانية و قضية حتمية لا يمكن العيش دونها ، لسلامة المجتمع كاملاً وليس المرأة فحسب ، وبالرغم من معاناة هذه المنطقة من نير التخلف و الموروثات التي عفا عليها الزمان ، إلا أن بعض الدول قد أستطاعت أن تتخطى ذلك  بينما ظلت أخرى متمسكة بلموروثات بالية ترجمتها في تشريعات أكثر بلاءاً .
و اعتاد القارئ دوماً عند حديثنا عن المرأة أن يسمع مقولة "الإجابة هي تونس" وهي جملة تعكس مدى تخلفنا عن تونس التي سبقت مصر بالكثير من السنوات الضوئية فيما يتعلق بالعديد من القضايا، و أهمها المساواة بين الجنسين و حماية المراة من العنف.
ولكن ما لا يعلمه إلا القليل أن تونس ليست وحدها التي مصر .فهناك   دول عربية أخرى سبقتنا ببالكثير والكثير فيما يتعلق بتعاملها مع النساء والحفاظ على حقوقهن، وتكاد بعض هذه الدول أن تصل لمرحلة الكمال فيما يتعلق بقضايا المرأة
و في هذا الموضوع نظرة مقربة لقانون العمل المغربي و مقارنته بقانون العمل المصري  فيما يتعلق بحقوق المرأة العاملة  ، والذي نجد الفارق فيه شاسعاً ليس فقط فيما يتعلق بالمرأة بل بأوضاع العمال كافة،  ففي الوقت الذي يستهل القانون المغربي في ديباجته  مؤكداً احترامه واعترافه بكافة المعاهدات الدولية التي وقعت عليها المغرب  بالاضافة إلى الاتفاقيات الأساسية لمنظمة العمل الدولية، لم يرد ذكر أي من هذه المواثيق داخل القانون  المصري ، ولربما ذكرت في الدساتير المصرية في 2012 ، 2014 لكن على أرض الواقع لم يحدث أن أسترشد القائمين على تطبيق القانون بميثاق دولي
وفيما يخص المرأة في القانون المصري ، يلاحظ أنه لم تحظ المرأة بجزء كافي منه، وتم ذكرها في موضعين، أولهما هو الإشارة لعدم التمييز - في مادتين إحداهما تنص على عدم التمييز على أساس الجنس أو الأصل أو اللون في العمل و الاخرى تحظر إنهاء العمل بسبب الجنس أو الأصل أو اللون . ثم فصل مقتضباً داخل الباب الثاني بعنوان " تشغيل النساء" أورد  فيه تسعة مواد تناقش وضع المرأة العاملة.  تتفق و القانون المغربي من حيث الشكل فقط في ذلك ، فقد أكد كذلك على عدم التمييز على أساس الجنس والعرق وخلافه، لكنه فسره دون قيود وشروط  فعمد إلى كفالة حق المرأة في توقيع عقد العمل ، ومنع الإجراءات التمييزية ضدها وحقها الكامل في الإنضمام للنقابات المهنية والمشاركة في إدارتها. وعلاوة على كل ما سبق فقد خصص القانون المغربي قسمًا كامًلا بعنوان "حماية المرأة والأحداث" وبابًا كاملًا يتعلق بتشغيل المرأة ليلًا، وآخراً لحماية الأمومة.
نجد أيضاً أن القانون المغربي يحدد التزامات صاحب العمل في مواد ولتأكيد هذه الالتزامات يقرر غرامات مالية تصل إلى 20000 درهم في حال عدم التزام صاحب العمل.  و أهم تلك الالتزامات: عدم فصل المرأة الحامل، أو تشغيلها في فترة أجازة الوضع او الحمل - التي حددها القانون بمدة 14 أسبوعًا- و فرض أجازة للوضع وساعات مخصصة للرضاعة، و تخصيص غرف للرضاعة وحضانات لأطفال العاملات - التي ذكر القانون إلزام صاحب العمل بتوفيرها في حال وجود 50 عاملة في مقر العمل - وهو ما يعد تفوقًا على القانون المصري الذي اكتفى بإلزام صاحب العمل بتوفير حضانات في حال وجود 100 سيدة ضمن طاقم العمل، ما لا يتناسب بالطبع مع طبيعة الهياكل الوظيفية في مصر التي  تعتمد بشكل كبير إلى تقليص عدد العاملين بالمكان . كما أن القانون المصري لم يشر القانون إلى أي ظروف أو أوضاع مشروطة لهذه الدار.
كما ذكرنا مسبقًا أن القانون المغربي قد تفوق على القانون المصري في العديد من الجوانب، وكان أكثرها دهشة أن القانون يلزم أصحاب العمل بتوفير  مكان مغلق في كل قاعة من القاعات داخل المؤسسات التي تتولى النساء فيها نقل البضائع والأشياء، يلتزم فيها بعدد من المقاعد للاستراحة يتساوى و عدد النساء الأجيرات بها  مؤكداً على أهمية أن تكون هذه المقاعد متميزة عن تلك التي توضع رهن إشارة العملاء، في حين يتجاهل القانون المصري ذكر أماكن الراحة المغلقة للمرأة .
بالنسبة لتشغيل النساء في الفترات المسائية أو في الأعمال "التي لا تصلح لها"، نجد ان القانون المغربي في باب "تشغيل النساء ليلًا" احترم رغبة النساء في اختيار العمل المناسب لهن وساعات العمل المناسبة، بل وأجبر صاحب العمل على توفير 11 ساعة إجازة بعد كل يومين عمل في الفترة المسائية. محدداً المهن التي لا يجوز للنساء العمل بها مثل العمل في المناجم أو الأشغال التي تفوق طاقتهن. أما في القانون المصري فنجد في المادة " 88 و 89" حيث رد المشرع الحق للوزير المختص في تحديد الأعمال التي لا يمكن أن تعمل فيها المرأة لإضرارها بها صحياً وأخلاقياً كما رد له تحديد الأحوال و الأعمال و المناسبات التي لا يجوز فيها تشغيل النساء في فترة زمنية معينة وهو ما يضعنا في دهشة إذ أن ثمة مواثيق وقعت عليها مصر في منظمة العمل الدولية تنظم تلك الأعمال لم تراعها الدولة ولكن أكتفت بفكرة أن للمواثيق الدولية قوة القانون " وهو ما لا يطبق إلا إعلامياً " إذ لا يعتد  بها لا المشرع ولا القاضي على حد سواء  
و من كل ما سبق نجد أن المشرع المصري عند وضعه للقانون لم يضع سوى نصاً واحداً للمساواة وشرطه بالتماثل كما سبق الذكر ولكنه في باقي مواده  تعامل مع المرأة على أنها الأم التي قد تحتاج إلى إجازة الوضع وفترات الرضاعة والعمل ليلًا وخلافه،وحتى في تلك الحالات تميز عنه القانون المغربي فقد وضع نظرة أكثر شمولاً حيث ناقش حقوق المرأة في العمل مؤكداً على عدم التمييز في الأجور أو الإجازات على أساس الجنس، و أضاف لها الحق في إجازات الحمل والإرضاع، ووضع غرامات طائلة على أصحاب الأعمال الذين ينتكهون هذه التشريعات بشكل واضح وصريح، ولم يترك فرصة ﻷصحاب العمل للإلتفاف حول المواد المذكورة. كما ذكر القانون المغربي مشكلة التحرش الجنسي في أماكن العمل كخطأ جسيم إذا تم ارتكابه ضد العاملات، واعتبر مغادرة العاملة لعملها في حين رفضها للتحرش الجنسي بمثابة الفصل التعسفي لها، ويعاقب عليه صاحب العمل، في حين تجاهل قانون العمل المصري ممارسة التحرش في أماكن العمل بل تجاهل مناقشة أي شيئ  يتعلق بالعنف الموجه للمراة داخل العمل ، وليس له من العذر من شيئ في أن يرد ذلك إلى قانون العقوبات ، نظراً لوجود خصوصية شديدة للعنف الموجه أثناء العمل
إننا و إذ نسترشد بقوانين أخرى - ولا سيما قوانين الدول العربية الشقيقة التي خطت خطوات واسعة في حقوق الإنسان وحقوق  المرأة   فغرضنا في ذلك تطوير منظومة التشريع المصري  الذي يعاني كثيراً من القسور في أغلب ما يتعلق بحقوق الإنسان بشكل عام وبحقوق المرأة على وجه الخصوص، ولا ينحصر ذلك القسور في نصوص القانون ، ولكن يتعلق أيضاً بغياب إرادة المشرع في تصحيح الأوضاع معتبراً أن حقوق الإنسان و حقوق المرأة نمط من الرفاهية وليس ضرورة حتمية لبناء دولة مدنية حديثة .
ربما لا تزال حقوق كثيرة للمرأة في المغرب ومصر وكافة الأقطار العربية تحتاج إلى تصحيح حتى في تلك الدول التي خطت خطوات كبيرة مثل تونس إلى أن الملاحظ أن الوضع في بعض الدول يحتاج إلى خلق روح تنافسية بين تلك الدول حتى يتم النهوض بثقافة حق المرأة سواء في العمل أو في باقي المجالات